كورونا… هل سيصبح “الجواز الصحي” إجباريا لممارسة مختلف الأنشطة اليومية ؟

هيئة التحرير23 يوليو 2021
Emily Alexander, 37, shows her COVID-19 vaccination card shortly after getting the vaccine in the parking lot of the State Farm Stadium in Glendale, Ariz., on Monday, Jan. 11, 2021. The Arizona Cardinals' stadium opened as a vaccination site Monday that will be a 24-7 operation. (AP Photo/Terry Tang)
Emily Alexander, 37, shows her COVID-19 vaccination card shortly after getting the vaccine in the parking lot of the State Farm Stadium in Glendale, Ariz., on Monday, Jan. 11, 2021. The Arizona Cardinals' stadium opened as a vaccination site Monday that will be a 24-7 operation. (AP Photo/Terry Tang)
الأستاذ مروان اغرباوي / محام

البريد الالكتروني : avocat.maro.agh@gmail.com

        تواصل العديد من الدول حملات التلقيح لفائدة مواطنيها في إطار الجهود الرامية إلى كبح جماح جائحة فيروس كورونا المستجد و الذي يواصل هو الآخر مسلسل تحوره بجنسيات مختلفة منها المتحور البريطاني والبرازيلي  وأخيرا الهندي “دلـتا”.

        ويبدو أن التوجه العام في مختلف الدول قد أصبح في الوقت الراهن هو تقنين إلزامية التلقيح ضد فيروس كورونا على اعتبار نسبة الفعالية الكبيرة التي أظهرها اللقاح المذكور بحيث لم يعد ارتفاع حالات الإصابات اليومية مُرادِفاً حتما لارتفاع عدد الوفيات والحالات التي تصل إلى مرحلة الإنعاش كما هو الحال مثلا بالنسبة لانجلترا التي وصل فيها عدد حالات الإصابة طيلة الأيام القليلة الماضية إلى ما يزيد عن الخمسين ألف في مقابل عدد قليل من الوفيات، و هو ما يفسره العلماء هناك بالتقدم الكبير في حملة التلقيح ببلادهم.

       غـيـر أن تقنين إجبارية التلقيح تلزمه وسيلة قانونية فعالة، و من هنا أصبحت مختلف دول أوروبا تسابق الزمن من أجل اعتماد “قانون إلزامية الجواز الصحي” loi pass sanitaire  ، و ذلك تفعيلا لقرار المفوضية الأوروبية European Commission بتاريخ 14/06/2021 وباعتبارها الجهاز التنفيذي للاتحاد الأوروبي، و ذلك من أجل اعتماد جواز صحي للمواطنين بهذه الاتحاد الأوروبي تسهيلا لعملية تنقل الأشخاص داخله، حيث يتم تجميع المعطيات الصحية الخاصة بالأشخاص من حيث الخضوع للتلقيح من عدمه و مدى الخضوع لاختبار PCR و كذا سبقية الإصابة بالفيروس من عدمها.

       وهكذا بدأت بعض الدول الأوروبية تعتمد ما أصبح يسمى ب “قانون الجواز الصحي” على غرار فرنسا مثلا، والتي صادق مجلس النواب بها في وقت مبكر من صباح يوم 23/07/2021 على مشروع “قانون الجواز الصحي” والذي جاء بمقتضيات تؤسس لقواعد جديدة من شأنها دفع مواطنيها وكذا الراغبين في دخول أراضيها لأسباب مختلفة منها العائلية والسياحية والعلاجية، إلى التلقيح بغرض الحصول على “الجواز الصحي” الذي سيصبح ضروريا لممارسة الأنشطة اليومية المختلفة كما سنرى بعد تسليط الضوء على المقتضيات القانونية التي جاء بها النص الفرنسي الجديد.

      و لعل أول هذه المقتضيات تتمثل في ضرورة الإدلاء يالجواز الصحي قبل ولوج المطاعم و المقاهي والحانات والملاهي الليلية والقاعات ومختلف الأنشطة الترفيهية، بل إن الإدلاء به ضروري حتى بالنسبة للمقبلين على الخَدَمَات الطبية في المستشفيات والمصحات باستثناء “الحالات المستعجلة”، وهذا المقتضى يخص المريض و مرافقيه على حَـدٍ سواء.

      كذلك، فإن الإدلاء ب “الجواز الصحي” أصبح ضروريا قـبل ولـوج وسائل النقل العمومية سواء منها الحافلات أو القطارات أو الطائرات إلى غير ذلك، بل وحتى بالنسبة للمحلات التجارية و الأسواق التجارية الكبرى في حدود تلك التي تستقبل عددا معينا من الأشخاص بعد تحديد هذا العدد بمرسوم.

     بالإضافة لذلك، فإن الجواز الصحي سيصبح إجباريا ابتداءً من 30 غشت 2021 بالنسبة للعاملين في الأماكن المذكورة، تحت طائلة اعتبار ذلك بمثابة سبب مشروع لفصلهم عن العمل من طرف مشغلهم دون تعويضات، وهو المقتضى الذي أثـار سُخط الأجراء والمستخدمين المعنيين ونقاباتهم بحيث اعـتبروا هذا المقتضى بمثابة حـل سحري بالنسبة للمشغلين الراغبين في تسريح بعض المستخدمين دون تعويضات لا سيما أن عدد كبير من المقاولات والشركات ترغب في تقليص مستخدميها بسبب الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها فرنسا ومعها جل دول العالم بسبب آثار و تداعيات ظهور وتفشي جائحة فيروس كورونا المستجد منذ ما يزيد عن سنة و نصف.

     من ناحية أخرى، و ضمانا للتنفيذ، جاء “قانون الجواز الصحي” بمجموعة من العقوبات منها السالبة للحرية ومنها المالية بالنسبة للمخالفين لمقتضياته، سواء بالنسبة للأشخاص الراغبين في ولوج الأماكن المعنية أو بالنسبة للعاملين والمسيرين المسؤولين عن مراقبة مدى توفر الزبناء على الجواز الصحي من عدمه، حيث ينص قانون الجواز الصحي على غرامات ثـقـيـلـة تصل 135 أورو بالنسبة للزبناء غير المتوفرين على الجواز الصحي و 1500 أورو بالنسبة للمسيرين غير الملتزمين بقواعد المراقبة القبلية لتوفر الزبناء على الجواز الصحي، أما في حالة العود 3 مرات داخل 30 يوما فإن العقوبة هي سنة حبسا و غرامة 9000 أورو.

        أما بالنسبة للعاملين في المجال الصحي بصفة عامة سواء منهم الأطباء والممرضين والمسعفين ناهيك على المساعدين الاجتماعيين المشتغلين بمؤسسات الرعاية الاجتماعية والصحية لكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة إلى غير ذلك من المتدخلين في المجال الصحي، فإن “قانون الجواز الصحي” يُلزمهم بضرورة التلقيح والحصول على جواز صحي، وذلك قبل تاريخ 15 شتنبر 2021 كحد أقصى تحت طائلة غرامات ثقيلة و التوقيف عن ممارسة العمل و الفصل والعزل إن اقتضى الحال.

       تبقى الإشارة إلى أنه بخصوص الأطفال ما بين 12 و 17 سنة، فإن “قانون الجواز الصحي” يفرض عليهم كذلك الحصول على جواز صحي لممارسة مختلف الأنشطة و الولوج للأماكن المذكورة، لكن ابتداءا من تاريخ 30 شتنبر 2021 على اعتبار أن حملة التلقيح بدأت قبل أسابيع قليلة فقط بالنسبة إلى هذه الفئة.

        إذن، و بعد تسليط الضوء بشكل مركز على أهم القواعد الجديدة التي جاءت بها مقتضيات “قانون الجواز الصحي” بفـرنسا كنموذج لجل دول الاتحاد الأوروبي التي أخذت نفس التوجه، فإن الملاحظ هو أن المقتضيات المشار إليها تروم جعل التلقيح إجباريا بالنسبة لمختلف فئات المجتمع لأن “الجواز الصحي” يُمنح فقط للأشخاص الملقحين، وأن عدم التوفر عليه بالنسبة للفرد سيمنعه من ممارسة أبسط الانشطة اليومية والولوج لجل الأماكن والمرافق الضرورية في يوميات أي شخص من قبيل الإدارات والمستشفيات والمقاهي والمطاعم و قاعات السينما و الترفيه إلى غير ذلك، وبالتالي وأمام تشابه الوضع الوبائي في دول الاتحاد الأوروبي والمغرب من جهة، و كذا وحدة الحل  المتمثل في اللقاح بالنسبة لجميع الدول و التي من بينها المغرب، فإن التساؤل المطروح هو :  هل سينحو المغرب نفس الاتجاه الذي سلكته أغلب دول الاتحاد الأوروبي من خلال اعتماد “قانون الجواز الصحي” مع مراعاة خصوصيات الواقع المغـربي بطبيعة الحال ؟

يبدو أن الجواب عن هذا التساؤل سيكون “نعم”، وذلك بالنظر إلى مراهنة المغرب على التلقيح كسلاح فعال لمواجهة الجائحة والتخفيف إلى حد كبير من الحالات الخطيرة التي تستلزم الإنعاش داخل المستشفيات من جهة، و من جهة أخرى بالنظر إلى البلاغات الصادرة مؤخرا عن السلطات الحكومية في إطار التدابير المتخذة للحد من انتشار الفيروس إذ أن الملاحظ هو أن القرارات المتخذة تٌعفي الحاصلين على “جواز التلقيح” من القيود المفروضة في التنقلات سواء بين المدن أو داخلها في أوقات حظر التنقل الليلي، و هو ما يمكن اعتباره تمهيدا لتوسيع نطاق استعمال جواز التلقيح و جعله فيما بعد “جوازا صحيا” و تـقـنـيـن العمل به على غرار ما هو معمول به في دول أخرى.

        لــكــن، و بغض النظر عن الأهمية المُثبتة علميا للتلقيح وفعاليته في التخفيف بشكل كبير من الآثار الخطيرة لفيروس كورونا المستجد، فإن “قانون الجواز الصحي” سيطرح إشكالا حـقـوقـيـا في جميع دول العالم. هذا الإشكال مرتبط أساسا بالحـريـات الـفـرديـة للأشخاص والتي تضمنها دساتير مختلف الدول بما في ذلك المغـرب، لا سيما أن “قانون الجواز الصحي” ـ بالدول التي اعتمدته ـ يتضمن بالنسبة لغير الحاصلين على الجواز الصحي أي الممتنعين عن التلقيح ـ عقوبات سالبة للحرية وعقوبات مالية مهمة بالإضافة إلى عقوبات تأديبية قد تصل حتى الفصل عن العمل بالنسبة لبعض الفئات من الأجراء والمستخدمين والمسيرين، المشتغلين في مجالات معينة كالقطاع الصحي والترفيهي والنقـل العمومي.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

الاخبار العاجلة