حميد رزقي
يوما بعد يوم تزداد حرارة الانتخابات البرلمانية المرتقبة ويزداد معها عدد سماسرة هذه الفترات الحاسمة في المسار السياسي بالمغرب ووحده “اشعيبة” من يجد نفسه بين أيدي الشناقة الذين في كل فترة يخترعون أساليب حربائية لاصطياده بكل احترافية..
والغريب في الأمر انه في ظل هذا “التخلويض السياسي ” تراجعت أجهزة الدولة نفسها الذي من المفروض فيها محاربة هذه الأشكال، بل أكثر من ذلك أن بعض ممثلي السلطة المحلية يجدون أنفسهم مضطرين للتعاون مع هذه القوى لاعتبارات عدة ،وذلك عبر غض النظر عن العديد من الحملات السابقة لأوانها التي تعقد أمام الملأ تحث يافطة المناسبات الصيفية ، وهكذا كثرت حفلات الختانة والزواج وتحول المرشحون الى ” عرسان” حقيقيين تتهافت عليهم كاميرات الصحافة وغالبا ما يتم تقديمهم للمعزومين عوض الاحتفاء بالعريس والعروسة .
وفي كثير من الأحوال يظهر أن هذه الحفلات ليست سوى غطاء لحملات غير مشروعة تتكفل بدعمها أسماء معروفة عمرت طويلا بهذه المؤسسات التشريعية إلى درجة ان فئات عدة أصبحت تتحدث بلا وعي عن فوزها المسبق في الاستحقاقات المقبلة.
وموازاة مع هذا الوضع السياسي الرديء ، تجد أجهزتنا الإعلامية (السمعية والبصرية) تتبجح بالحديث عن فترات انتقالية وعن مسار ديمقراطي متغير ، وعن ضرورة تحفيز الشباب للانخراط بقوة في هذه الاستحقاقات المصيرية دون قدرتها على فضح المستور والقول بصراحة أن الأمر كله لعبة في لعبة ، وأن الواقع لن يزداد إلا فسادا بسبب هذه الحملة الشرسة لناهبي المال العام وأصحاب الملفات القضائية ومستغلي أراضي الجموع بدون حق شرعي والمعمرين بقبة البرلمان لسنوات دون أن يحركوا ألسنتهم ولو مرة واحدة للتعبير عن هموم الشعب واكتوائه بنار الزيادات .
واعتقد أن الدولة اليوم ، تعرف أن هذا الشباب يدرك حقا أبعاد هذه المسرحية ويدرك حقيقة ما يجري ، لكنها مصرة على تلميع الصورة عبر إقحام أسماء طموحة في المشهد السياسي بغية الحد من اللغط السياسي الذي يرافق العملية منذ بدايتها وليس من أجل تغير طبيعة هذه المؤسسة التي انتقدتها بالأمس أعلى سلطة بالبلاد بعدما حولت بناية المؤسسة إلى فضاء للسب والشتم ووو.. لأنها لو أرادت فعلا أن تتماشى وإرادة الشعب لما غضت النظر عن هذه الأساليب ولما حاكمت الكثير من السماسرة الذين يتاجرون في هموم الفئات الهشة ولم يتوقفوا أبدا عن ترحيل الكثير منهم إلى ضيعات وفيلات المرشحين لتحقيق أغراضهم الذاتية على حساب الآخرين.