مدخل
من خلال البحت في كل ما يتعلق بشؤون المجتمع وبمناسبة انتخاب المجالس الجماعية والجهوية في يوم 8 شتنبر 2021 وما تلاه من تشكيل مكاتب تلك المجالس وما يجري حاليا من تسليم للسلط بين المسؤوليبن السابقين و الحاليين و نهاية مرحلة و بداية مرحلة جديدة من مسلسل تدبير الشأن العام .في سياق كل ذلك و بعد صعود العديد من المرشحين لاول مرة إلى موقع المسؤولية – مع محافظة العديد منهم بعضويتهم ومسؤوليتهم – تطرح إشكالية تكوين وتأهيل المنتخبين ليمارسوا مهامهم كما ينبغي في إطار القوانين والمساطر المعمول بها .
فماذا نريد من هذا المنتخب ؟ ماهو المستوى الذي نريد أن يكون عليه كل من يتحمل مسؤلية تسيير شؤوننا العامة ؟ ما نوع التكوين الذي ينبغي ان يخضع له المنتخب ؟ وكيف يمكن تأهيله من اجل تدبير جيد للشأن المحلي او الإقليمي او الجهوي ؟
– 1- دور الوزارة الوصية
لقد وفرت الدولة من خلال وزارة الداخلية جميع الشروط لمجالس الجماعات والجهات لتقوم بمهامها ووظائفها كما حددها المشرع من خلال ما نص عليه الميثاق الجماعي. وهكذا فإن مديرية الجماعات المحلية بالوزاة الوصية راكمت ارشيفا غنيا يعكس التجربة المتميزة لهذه الإدارة الترابية من خلال توفرها على ما يمكن تسميته بالأطر المرجعية لكل الفاعلين و المتدخلين في تدبير مختلف المجالس المنتخبة في بلادنا ،بل أكثر من ذلك شكلت كذلك مرجعا ونموذجا للعديد من الديمقراطيات الفتية في بلدان أخرى . ان الإدارة الوصية بما راكمته من تجارب في مجال تكوين العنصر البشري وتاهيله على المستوى القانوني و التدبيري من خلال العديد من المناظرات والأيام الدراسية والدورات التكوينية بالاعتماد على مخطط تكويني وطني على مستوى المديرية المركزية وجهوي من خلال ما تقوم به المجالس الجهوية وما ينجز أيضا على صعيد مجالس الأقاليم والعمالات وكذلك ما يتعلق ببرنامج التكوين الذي يجب ان تضعه جميع المجالس سواء تلك الخاصة بالمدن الكبرى او المقاطعات او الجماعات الحضربة والقروية . كل هذا من اجل الرفع من التكوين القانوني خاصة الإداري منه و ايضا تطوير القدرات التدبيرية لتجويد الممارسة الجماعية للموظفين و المنتخبين على حد سواء من اجل تقديم خدمات جيدة للساكنةو عموم المواطنات المواطنين .
– 2 – دور الأحزاب السياسية
إذا كان العمل الجماعي مؤطرا من الناحية التشريعية و منظما من الناحية القانونية بشكل يحدد حقوق وواجبات كل مسؤول ومنتخب ليقوم بما يجب القيام به ويبتعد عن ما ما لا يجيزه وما لا يسمح به القانون .هذا الأخير الذي يجب ان يسري على الجميع انسجاما ومبدأ ربط المسؤولية بالمراقبة والمحاسبة ، فإن التساؤل الذي يطرح نفسه بقوة يتعلق بدور الهيئات السياسية في تأطير وتكوين من تقدمهم لتولي مسؤولية تدبير الشأن العام .
فماذا قدمت هذه الأحزاب للمنتخب لكي يؤدي واجبه الجماعي بالشكل المطلوب قانونيا واخلاقيا ؟ واضح من خلال البحت في “برامج” وانشطة هده الأحزاب ان عملية تكوين من يمثلها في المجالس المنتخبة غائبة ولا تحظى بأي اهتمام الا بعض الاستتناءات القليلة جدا ، بخلاف ما كان عليه الامر سابقا الى حدود تسعينيات القرن الماضي ، حيث طرأت تحولات في المشهد السياسي عموما والحزبي خصوصا واصبح الانتماء الى هده الهيئة او تلك تحكمه منافع ذاتية ومصالح خاصة على حساب الاختيار والاقتناع بمبادئ واهداف معينة ، وما نشاهده من ترحال وتجوال بين الاحزاب الا دليل على دلك.
-3 – دور المستشار الجماعي والجهوي في التكوين الذاتي
الى اي حد يعمل هذا المستشار او هذا المسؤول او داك على ان يكون نفسه بنفسه للرفع من قدراته وامكانياته المعرفية خاصة القانونية منها والتدبيرية ؟ ان الامر يختلف من منتخب لاخر حسب الدافع والهدف الدي من اجله وصل الى الجماعة المحلية او المجلس الاقليمي او الجهوي. فادا كان الهدف هو خدمة المصلحة العامة للساكنة والعمل جنبا الى جنب مع مؤسسات الدولة من اجل تنمية البلاد ؟ فان هدا المنتخب لن يتهاون في التكوين المؤسساتي والذاتي حرصا منه على النجاح في هدا التكليف من طرف الساكنة . اما ادا كان الهدف هو تحقيق المصالح الخاصة والتطاول على المال العام فان هدا المنتخب لايهمه في التكوين الا ان يعرف كيف يتحايل على القوانيبن وكيف يفلت من المراقبة والمحاسبة والعقاب .
خلاصة
ان بلادنا قطعت اشواطا كبيرة في الديمقراطية والشفافية ووفرت اطارا تشريعيا وقانونيا واليات للمراقبة والمحاسبة ونتوفر على قضاء يحمي جميع الحقوق وما على المنتخبين والمسؤولين في مجالسنا الا العمل بروح المواطنة وفي اطار القانون خدمة لهده البلاد التي يستحق مواطنيها ومواطناتها كل التقدم والازدهار في جميع مناحي الحياة .