عبد الكريم جلال
جهة بني ملال خنيفرة تحتضن الايام الوطنية 26 للبحث التاريخي تحت عنوان:” تدبير المجالات الرعوية بالمغرب واستغلالها مقاربة التاريخ والعلوم الاجتماعية”
نظمت الجمعية المغربية للبحث التاريخي وكلية الآداب والعلوم الإنسانية ببني ملال، بشراكة مع مركز معابر في الدراسات في التاريخ والتراث والثقافة والتنمية، والمجلس البلدي بقصبة تادلة ومؤسسة الفقيه العلامة الحاج الحبيب الناصري الشرقاوي والمجلس الجماعي لأبي الجعد الأيام الوطنية السادسة والعشرين في موضوع:” تدبير المجالات الرعوية بالمغرب واستغلالها مقاربة التاريخ والعلوم الاجتماعية” يومي الخميس 9 و10 دجنبر الجاري.
افتتحت هذه الايام بقاعة المحاضرات برحاب كلية الاداب ببني ملال بحضور شخصيات محلية ووطنية، وبدأت الجلسة الافتتاحية بكلمات ترحيبية وتعريفية بأهداف هذه التظاهرة العلمية من طرف الأستاذ نبيل حمينة رئيس جامعة السلطان مولاي سليمان، وفي نفس السياق جاءت كلمات الاستاذ محمد العاملي عميد كلية الاداب ببني ملال والاستاذ عبد المجيد قدوري (جامعة محمد الخامس بالرباط)، والأستاذة لطيفة الكندوز رئيسة الجمعية المغربية للبحث التاريخي، والأستاذة سعاد بلحسين رئيسة مركز معابر للدراسات في التاريخ والتراث والثقافة والتنمية، والأستاذ الزبير بوحجار رئيس شعبة التاريخ عن اللجنة المنظمة، شاكرين الحضور من منتخبين وممثلي السلطات المحلية والصحافة وأساتذة، الذين حجوا من كل الجامعات المغربية والذين فاق عددهم 70 دكتور مهتم بقضايا التاريخ المغربي. وكذلك الشأن بالنسبة لأساتذة جامعة السلطان مولاي سليمان وطلبتها وباحثيها والمهتمين بقضايا الجهة.
وبعد استراحة شاي وزيارة الحضور للمعرض المقام على شرف الندوة والخاص بأمهات الكتب والملصقات التي تحمل تلاخيص لأهم المواضيع المنجزة من طرف طلبة الكلية في سلك ماستر التاريخ والتراث الجهوي، تم استئناف أشغال الندوة بمحاضرة افتتاحية للاستاذ محمد العاملي حول موضوع: “نظام الأراضي وتدبير المجال الرعوي بجماعة زاوية أحنصال خلال فترة الحماية”.والتي لقيت استحسان الحضور بما جمعته من معلومات قيمة موثقة بصور توضحية من الميدان، تلتها مجموعة من الجلسات العلمية ضمنت مداخلات قيمة لجهابذة اساتذة التاريخ بالمغرب حول موضوع “الرعي والمراعي بالمغرب”،واخرى برحاب قصر بلدية قصبة تادلا والتي حضرها كل من رئيس البلدية وباشا المدينة و مملثي السلطات المحلية بقصبة تادلة وشخصيات سياسية وأخرى من المجتمع المدني وتوجت بزيارة إلى القصبة الإسماعيلية حيث وقف الحضور على معالمها وآثارها ومرافقها وما آلت إليه هذا المعلمة التاريخية من إهمال وخراب، داعين مختلف المسؤولين إلى التدخل لإنقاذ هذه المعلمة الثرية.
وفي مساء نفس اليوم تم الإنتقال إلى مدينة أبي الجعد، المدينة المقدسة، مدينة الأولياء والصلحاء والفقهاء والمتصوفة، حيت انعقدت بها جلسة علمية أخرى برحاب قصر بلدية أبي الجعد تضمنت مداخلات في نفس السياق بحضور ممثلي السلطات المحلية والأمنية ورئيس المجلس الجماعي ومنتخبين وأساتذة ومهتمين. وبعد الإنتهاء من المداخلات تمت زيارة مركب ضريح مؤسس الزاوية الشرقاوية سيدي أبوعبيد الله الشرقي.
أما موضوع هذه الأيام الذي هو “المراعي”، فقد اعتبرته الأستاذة الفاضلة سعاد بلحسين، ليس مجرد بحث فيه الراعي عن المروج الخضراء والمضارب الخصبة، بل المراعي الجماعية هي مؤسسة معقدة من حيث التنظيمات وعلى عدة مستويات، سواء تعلق الأمر بالتنظيمات الاقتصادية أو الاجتماعية أو الثقافية… وعبر هذه المراعي الجماعية استطاع أهل الرعي أن يطوعوا هذه المجالات الصعبة، وأن يبنوا ثقافة بشقيها المادي واللامادي تستحق الإهتمام بها ودراستها من طرف الجامعة المغربية. كما تتجلى أهمية هذا الموضوع في كونه يتوفر على خيط ناظم يجمع بين البعد التاريخي والإجتماعي والسوسيولوجي والمقاربة التنموية.
أما الأستاذة لطيفة الكندوز رئيسة الجمعية المغربية للبحث التاريخي، فقد أشارت إلى أن أهمية هذا الموضوع وغناه يغري المؤرخ والجغرافي والسوسيولوجي والأنتروبولوجي لدراسته والبحث في جوانبه المتعددة والمتشعبة، فالرعي إلى جانب الزراعة يعتبر من بين أهم الأنشطة والأكثر ممارسة بالبادية المغربية منذ العهد القديم .وأضاف أن نشاط الرعاة قد أسهم في إحدى التحولات الكبرى على مستوى مورفولوجية السكان وأنماط العيش، بل وعلى المستوى السياسي أيضا حيث كان لتحركات بعض القبائل وانتشارها بالغ الأثر في تغيير ملامح الدولة والمجتمع المغربي. وأضافت بأن نظام الرعي من القضايا التي تشغل اهتمام الباحثين والدارسين، وتشغل كذلك بال الأجهزة الإدارية لما يخلفه الرعي من نزاعات وصراعات بين الرعاة الرحل والمستقرين، بحيث تتداخل فيه الأبعاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية، لذلك جعلنا هذا الموضوع منفتحا على مختلف العلوم الاجتماعية والإنسانية.
أما توصيات هاته الأيام الدراسية فقد كانت على الشكل التالي:
– انفتاح الجامعة على محيطها أي ضرورة ربط بين ما هو نظري/ مداخلة وما هو ميداني، حتى يقف المتتبع عن كثب عن هاته المراعي.
– ضرورة الإلتفات إلى القصبات/ قصبة مولاي اسماعيل إليها بالترميم والصيانة باعتبارها ذاكرة جماعية.
– الكل يعلم أن المجالات الرعوية تتقلص يوما بعد يوم بالنسبة لعدد الرعاة والأدوات التي يتم توظيفها في ذلك، خاصة وأن المجتمع الرعوي له أعراف خاصة بالأفراح كما الأتراح. وعليه بات لزاما التفكير في إنشاء متحف إثنوغرافي الذي سيحوي جزءا من ذاكرة ذلك المجتمع الرعوي وبالتالي الحفاظ على العراف والتقاليد المرتبطة به.
– المزيد من مثل هاته المواضيع التي تعد بفتح مقاربات جديدة تغني حقل البحث العلمي سواء في التاريخ أو علوم إنسانية أو اجتماعية أخرى.