أنوار لوطفي / صورتين للزميل عبد اللطيف غريب
نظمت جمعية حكمات وحكام كرة القدم لجهة بني ملال خنيفرة ندوة حول ظاهرة الشغب بالملاعب تحت عنوان “معا من أجل ملاعب بدون شغب”، وذلك يوم الأربعاء 22 فبراير بدار الثقافة بمدينة بني ملال. وشهدت هذه الندوة حضور فعاليات رياضية وإعلامية وجمهور مكثف خاصة من الفصيل المشجع لفريق رجاء بني ملال، وكان من بين المشاركين في هذا اللقاء ممثلين عن وزارة الشباب والرياضة، المديرية العامة للأمن الوطني، الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، ممثل عن وسائل الإعلام وممثل عن كلية الآداب والعلوم الانسانية ببني ملال في مجال علم الاجتماع، والكل ساهم في إغناء النقاش حول هذه الظاهرة التي نخرت الجسم الكروي بالملاعب الوطنية.
وعلى الساعة الرابعة والنصف بعد الزوال انطلقت أشغال الندوة بتلاوة آيات بينات من الذكر الحكيم وكلمة رئيس الجمعية في شخص “عبد الرحمان بروال”، الذي أثنى على الحضور المكثف للشباب ولكل من ساهم في إنجاح هذه الندوة، داعيا المشاركين إلى إغناء النقاش حول أسباب هذه الظاهرة ومكامن الخطر الناتج عنها. وفي مداخلة أولى “لسعيد آيت الهوف”، ممثل وزارة الشباب والرياضة الذي أكد على تحصر جميع مكونات الرياضة الوطنية على ما يقع أحيانا داخل الملاعب من شغب وتخريب للممتلكات العامة خارجه، دعى لبذل مجهودات كبيرة وتنسيق بين الجهات المسؤولة والمهتمة بالشأن الرياضي والاهتمام بتكوين الحكام لكونهم الرابط المباشر بين اللاعبين. فيما لم تفته الفرصة للترحم على روح الحكم الدولي السابق “بلقولا” الذي قدمه كمثال للنزاهة والخصال الحميدة في ميدان التحكيم.
وأرجع سعيد آيت الهوف أسباب الشغب إلى نقص البنيات التحتية بالملاعب وعدم احترام سعتها ودور وسائل الإعلام في الشحن الزائد للجماهير قبل اللقاءات وعدم طرح التذاكر في وقتها، وكحلول حسبه دعى إلى تهييئ الفضاءات بشكل يلائم كل شرائح الجمهور وتقديم مباريات ممتعة من طرف الأندية وتحلي الحكام بالسلاسة والمرونة في اتخاذ القرارات وأخيرا تموقع رجال الأمن وخطابهم مع الجماهير أثناء دخول الملعب يجب ان يكون في مستوى الاحترافية.
فيما كانت مداخلة “عادل هدراج” منقسمة إلى شفين منها ماهو تشريعي عندما أثنى على قانون 09-09 لمكافحة الشغب وعن ضرورة تفعيله بشكل جدي كمسطرة قانونية وجب الامتثال لها، وما هو إجرائي عندما قام بسرد مجموعة من المرتكزات التي قامت عليها المديرية العامة للأمن الوطني في هذا المجال أهمها التكوين والتحسيس المستمرين لموظفي الأمن والتواصل مع الجهات المشاركة في أي تظاهرة رياضية قبل انطلاقها، بالإضافة إلى إحداث بنية جديدة في الأمن الوطني وهي القسم الرياضي، وأخيرا دعى إلى التعاون الجاد والبناء مع رجال الأمن الوطني في إنجاح التظاهرات الرياضية لأن مكافحة الشغب مسؤولية الجميع.
وفي مداخلة “لعبد الرزاق بودال” الرئيس الأسبق لرجاء بني ملال، كممثل عن العصبة الاحترافية والجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، أثنى مجهودات الجامعة منذ تولي “فوزي القجع” رئاستها، وتأسف عن هذه الظاهرة خصوصا أن الدوري المغربي في مرحلة احتراف. وكممثل عن الجامعة صرح بودال أن %90 من الملاعب الوطنية الآن سواء في القسم الأول والثاني معشوشبة، ولم تفته الفرصة ليبشر الحضور حسبه أن كل من ملاعب قصبة تادلة، بني ملال وخنيفرة ستبدأ الجامعة بتكسيتها بالعشب الطبيعي. ولم ينسى بودال رئاسته لفارس عين أسردون سنتي 2013 و 2014 عندما قال أنها كانت تجربة عسيرة وأن العنف اللفظي من طرف بعض المحسوبين على الرجاء الملالي هو من دفعه للرحيل، وهذا ما خلق نوعا من الكراهية بينه وبين كرة القدم، وعبر بودال عن غضبه إبان تلك الفترة خصوصا أن السب يطال والدته كل مباراة للفريق وأكد أن رحيله عن الرجاء لم يكن فشلا في التسيير. وكحلول لعدم فك “الإلتراس” دعاهم بودال إلى إنشاء جمعيات قانونية بدل الفصائل لأن الملاعب بدون إلتراس لن تدفع بكرة القدم إلى الأمام.
فيما دعى “محمد البصيري”، ممثل الفرع الجهوي للرابطة المغربية للصحافيين الرياضيين لإعادة النظر في التنشئة الاجتماعية لهؤلاء المشاغبين، ويمكن القضاء على الظاهرة ببذل الجماعات الترابية مجهودا في إعداد المجال نظرا لقلة الفضاءات وملاعب القرب، وأيضا الاهتمام بالطفل وترسيخ قيم الأخلاق الحميدة والتسامح في هذا الجيل، كما دعى الإعلام الرياضي إلى تخصيص حيز للناشئة لكونها اللبنة الأساس لكل عملية تروم الدفع بالكرة والرياضة الوطنية عموما.
وحدد الدكتور والباحث في علم الاجتماع بكلبة الآداب والعلوم الانسانية “عبد الهادي حلحول” هذه الفئة التي تمارس الشغب في سن 17 و 25 سنة، بعد أن نبه بعدم وجود أي حكمة في هذه الندوة رغم تواجدهن في العنوان، وقارب عبد الهادي حلحول الظاهرة حسب علم النفس من زاوية العنف، مرجحا السبب بالإقصاء الاجتماعي الذي تعيشه هذه الفئة والذي يدفعها إلى تفريغ نزواتها داخل وخارج الملاعب، والتي عموما ما تكون ذات مستوى دراسي متوسط وهشاشة مهنية…كما شدد على ضرورة إدخال الموضوع في صلب اهتمام طلبته بالإجازة والماستر لتكون الجامعة خير سند في التحليلات العلمية في هذا المجال.
وشهدت الندوة حضور الفصيل المشجع لرجاء بني ملال “ستار بويز” الذين لم تفتهم الفرصة حينما تدخلوا من بين الحضور لتوجيه التساؤل للجنة المنظمة لعدم استدعائهم للحضور معهم على منصة النقاش ليدلوا كل بدلوه، فيما أثنى جانب من المتدخلين على مجهودات الأمن في تسخير جميع عناصرها لانتقال الجماهير من وإلى بعض مدن المملكة وأيضا حرصهم التام على ممتلكات العموم خارج الملاعب، واستنكر البعض عدم وجود أي ممثل عن وزارة العدل من أجل التدقيق في قانون 09-09 المتعلق بمكافحة الشغب، رغم استدعائها حسب اللجنة المنظمة. وكانت أجوبة المحاضرين في الندوة لا تختلف عن تدخلات وأجمعوا على العمل سويا لإخراج الكرة الوطنية من هذا المأزق في ظل تطور دوريات العالم ووصولها لمستويات كبيرة من الانضباط.
ومما لا شك فيه أنن ظاهرة الشغب بالملاعب أضحت واسعة الانتشار من أسبابها الظاهرة هي الإحباط الناتج عن الخسارة لكن تختفي ورائها عوامل اقتصادية واجتماعية وسياسية عدة، وجبت على جميع العلوم الالتفاف حولها ودراستها قصد الخروج بنتائج قد تدفع كرة القدم المغربية إلى العالمية.