إعداد التقرير : جمال مايس
بمناسبة اليوم الوطني للسلامة الطرقية الذي يصادف يوم 18 فبراير من كل سنة ، نظَّمت اليوم الأربعاء، النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية ببني ملال ، يوما دراسياً مهماً بمقر المحكمة ، أشرف عليه نائب وكيل الملك الأستاذ رضوان الفيلالي نيابة عن وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية ببني ملال ، وبحضور نائب وكيل الملك الأستاذ المهدي النقاش مسير الجلسة ، والذي افتتح النقاش بمُداخلة ذكَّر فيها بالسياق الذي جاء فيه تنظيم هذا اللقاء التواصلي بين مختلف المتدخلين بمناسبة الاحتفاء باليوم الوطني للسلامة الطرقية ، وكذا في إطار مواكبة النيابة العامة والسلطة القضائية لهذا الحدث الوطني ، ومن أجل طرح الإشكالات والحصيلة السنوية للأنشطة الموازية لمحاربة ظاهرة حوادث السير ، حيث أكد المتحدث ان المغرب يُسجل أزيد من 3000 قتيل ومئات الجرحى سنويا ، وهي أرقام ،قال عنها، انها مُهوِلة وتُشَكِّل عبئاً على الدولة من جميع الجوانب بما فيها القانونية والقضائية والاقتصادية والانسانية والاجتماعية والصحية…
وأردف الأستاذ النقاش ان لقاء اليوم جاء أيضا لتشخيص الوضع ومعرفة المشاكل الحقيقية من الجانب الأمني والصحي والقانوني والاجتماعي ، والوصول الى نتائج وحلول يتم تجسيدها على أرض الواقع كل واحد من موقعه حسب حدود اختصاصاته.
وتناول بعد ذلك ، الأستاذ كمال حميد قاضٍ مكلف بقضايا حوادث السير بالمحكمة الابتدائية ببني ملال ، والذي أعطا شرحاً مفصلاً لمفهوم السلامة الطرقية ، مُؤكدا ان هناك 3 عوامل أساسية تتسبب في هذه الحوادث تتلخص في العامل البشري ، والمركبة ، والطرقات ، مُشددا ان العامل البشري يبقى رئيسياً في هذه الحوادث ، حيث سجلت الدائرة القضائية للمحكمة الابتدائية ببني ملال ، 1200 حادثة سير ، وهو رقم مخيف يسَجَّل لأول مرة ويدل عن خلل ما رغم الترسانة القانونية والعقوبات الزجرية ، وهذا يجعل ، وفق المتحدث، من مشكل السلامة الطرقية مشكلا يقتضي تشخيص واقع حوادث السير بالمغرب وإيجاد بدائل وحلول واقعية. حيث قدم الأستاذ كمال اقتراحات مهمة لَخَّصها في التعاطي بشكل حازم مع رخص السياقة خلال الحوادث ، وتفعيل العقوبات الجنائية الرادعة لاسيما في حالة السكر والفرار وعدم احترام الاضواء ، وخلق عقوبات انية وفعالة ، وتنظيم حملات تحسيسية دورية ، وإدراج السلامة الطرقية بالمقررات الدراسية ، وتفعيل دور مؤسسات تعليم السياقة ، ومراكز الفحص التقني.
وبعد ذلك ، جاءت مداخلة الاستاذ رضوان الفيلالي نائب وكيل الملك ببني ملال ، الذي ذكَّر بدوره بالسياق الذي يُنظَّم فيه هذا اللقاء ، مُؤكدا ان السلامة الطرقية تعتبر احد المداخل الأساسية للتنمية البشرية ، حيث تحدث عن التعديلات التي طرأت على مدونة السير ، وطرح مجموعة من الاشكالات العملية ، كالاحتفاظ وسحب رخصة السياقة ، وتحديد المصالح المخولة بذلك ، كما ركَّز الاستاذ الفيلالي عن التضارب الحاصل في المصطلحات والذي يخلق اشكالا كبيرا في تطبيق مدونة السير ، بالإضافة الى اثارته لمشكل الخبرة الطبية والتعديل الاخير الذي طرأ عليها في مدونة السير . كما أشار المتحدث إلى الخلل في مراكز الفحص التقني ومشكل ضبط مركبات تحمل صفائح مزورة حاصلة على وثيقة سليمة من الفحص التقني. ناهيك عن مشكل تطرحه مراقبة السرعة بالردار الالي الثابت بعدم وضوح ارقام التسجيل ، او عدم تطابق المعلومات لدى مركز التسجيل ، وهو ما يستوجب على هذه الإدارة (مركز التسجيل) تحيين المعلومات والمعطيات الخاصة بارقام تسجيل المركبات.
وتلت ذلك ، كلمة قائد كوكبة الدراجات النارية للدرك الملكي بالطريق السيار ببني ملال الذي أعطى تعريفاً للسلامة الطرقية وذكَّر بما تُكبده حوادث السير من خسائر بشرية واقتصادية واجتماعية ، مُؤكدا تسجيل حوادث السير في نفوذ القيادة الجهوية لبني ملال (الفقيه بن صالح ،ازيلال ، بني ملال) ، في سنة 2021 والتي بلغت 36072 حادثة سير ، خلفت 140 قتيلا ، و220 جروحهم بليغة ، و1737 جروحهم خفيفة. واستعرض المتحدث مجهودات القيادة العامة للدرك والقيادة الجهوية والاقليمية للدرك مع مختلف الشركاء للحد من هذه الآفة الخطيرة.
ومن جانبه ، تحدث رئيس مصلحة حوادث السير بولاية أمن بني ملال الذي كان مرفوقا برئيس المنطقة الأمنية ونائب رئيس شرطة المرور ، -تحدث- بدوره عن التعديلات التي همَّت مدونة السير بهدف زجر المخالفين ، وأكد ان المديرية العامة للأمن الوطني نهجت إجراءات صارمة ، وتبذل المجهودات للحد من حوادث السير ، وهو ما تمت بلورته على ارض الواقع بولاية أمن بني ملال ، مذكرا باسباب الظاهرة التي عزاها الى المركبات والطرقات وسلوك مستعملي الطريق كعدم الانتباه والقيادة في حالة سكر ، وعدم احترام الأسبقية.
وأردف رئيس مصلحة الحوادث ببني ملال ان ولاية الأمن بتعليمات من المديرية العامة تنهج مقاربة تحسيسية وتواصلية من خلال خلق خلية للتحسيس والتوعية تنظم لقاءات تواصلية بشكل دوري مع مختلف الشركاء ، وهذا نتج عنه مناقشة المشاكل وطرح للحلول مما ادى الى انخفاض نسبي في حوادث السير بنسبة 26 في المائة في سنة 2021 ببني ملال.
أما مُمثل مديرية الصحة ، الدكتور الزهيري نائب مدير المستشفى ورئيس قسم المستعجلات بالمستشفى الجهوي ، فقد تحدث عن الكم الكبير للمصابين الذين تستقبلهم المستعجلات ، وأغلبهم من فئة الشباب اعمارهم مابين 16 و18 و20 سنة ، مؤكدا على ضرورة إشراك جمعيات المجتمع المدني في النقاشات المرتبطة بالسلامة الطرقية وذلك لتحسيسهم للتلاميذ خصوصا أصحاب الدراجات الهوائية ، كما نبه الى خطورة المطبات العشوائية (الضوضانات) المتواجدة بالطرقات والتي تتسبب في حوادث كثيرة بالاضافة الى الجرارات المتنقلة بالليل والتي وجب فرض عليها تركيب الاضواء الخلفية والأمامية.
وفي مُداخلته ، أكد قائد الوقاية المدنية ، ان جهاز الوقاية يبذل مجهودات كبيرة للتخفيف من الظاهرة عبر تنظيمهم للحملات التحسيسية مع مختلف الشركاء في المؤسسات التعليمية. وقدم ارقاما مهمة حول الحوادث باقليم بني ملال ، مؤكدا ان سنة 2020 سجلت 1975 حادثة ، و 25 وفاة ، و 2652 جريح ، بينما سنة 2021 سجلت 2631 حادثة ، و27 وفاة ، و3461 جريح ، مردفا ان اغلب الحوادث تعود للدراجات النارية.
ومن جانبها ، أكدت ممثلة الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين ببني ملال ، ان الأكاديمية تشتغل سنوياً من بداية السنة الى غاية شهر ماي ، ببرنامج تحسيسي واسع بعروض متنوعة ، بشراكة مع مختلف المتدخلين من شرطة ودرك ووقاية وهلال أحمر ، وذلك لتحسيس التلاميذ بخطورة هذه الظاهرة ، وتوعيتهم بضرورة احترام قوانين السير . مؤكدة على دور الجمعيات في التوعية والتحسيس للحد من هذه الآفة .
كما ، كانت مداخلة لممثل المجلس البلدي لبني ملال ، تحدث فيها عن عمل مصلحة الشرطة الادارية ، ودورها في وضع علامات التشوير بتنسيق مع مختلف الادارات ، كما اكد ان مصالح الجماعة قامت باحصاء المخفضات العشوائية من اجل إزالتها من وسط الطرقات ببني ملال
هذا ، واختتم الحاضرون هذا اليوم الدراسي بنقاش ايجابي ومستفيض ، أبرز توصياته حسب ما سجلته الجريدة يتجلى في الاجماع على تسبب الدراجات النارية في أغلب حوادث السير ، وأصحابها أكثر الضحايا ، ولابد من تشديد العقوبات الزجرية في حق المتهورين لاسيما السياقة في حالة سكر التي طالبوا بتشديد العقوبات في حق مرتكبيها. كما أجمع الحاضرون على ضرورة تفعيل القوانين التنظيمية المواكِبة لمدونة السير حتى لاتفقد المدونة فعاليتها ، والتصدي لمشكل الشواهد الطبية واختلاق الحوادث الوهمية ، ناهيك عن إزالة الحدبات والمخفضات العشوائية بالطرقات ، والقيام بحملات تحسيسية وتوعوية ، وتظافر جهود جميع الشركاء من مختلف القطاعات واجتماعهم بشكل دائم ، وذلك للتخفيف من الاثار الوخيمة والخسائر الجسيمة لظاهرة حوادث السير التي يروح بسببها ضحايا بين قتيل وجريح ، وتتسبب في اعاقات حركية وخسائر اقتصادية ، يبقى الخاسر الأكبر فيها كل مكونات المجتمع المغربي.