في مثل هذا اليوم دمعت عيون الحاضرين وتألمت قلوبهم ونحن نواري جثمان المناضل المرحوم سي الحسين حطاطي الثرى، بعد رحيله من دنيا الرداءة والبؤس والعناء والشقاء، دنيا اتخذ منها درعا للدفاع عن المظلوم، صارخا في وجه الظالم، لا يهاب الأغنياء ولا ذوو النفوذ ولا جبروت المسؤولين،
نعم في مثل هذا اليوم أفَلَ نجم بطل الدفاع والتضحية والنضال لأجل الغير، غابت معه شمس كان ضوؤها ينير درب العمال والمستضعفين، في مثل هذا اليوم 26/-02/2006 غادرنا سي الحسين إلى بيته الأبدي وبدون وداع، لا الأبناء ولا الأصدقاء والزملاء، سافر من أجل العلاج على أمل العودة بصحة أفضل، لكنه عاد بكسوة بيضاء بدون جيوب توحي أنه جثة هامدة، محاطا بملائكة الرحمان التي كانت تحمل معه ما لم يحمله غيره، الخير والصدقة وحب الناس والوفاء والإخلاص والصدق والنية وسلامة الضمير… والقيم التي غرسها في نفوس جيش عرمرم من المناضلين، تاركا العبرة لمن يثق في الدنيا الزائلة.
يا صديقي عشت عفيفا لا يهمك لا المال ولا المناصب ولا الكراسي ولا الشهرة … إلا مصلحة الوطن والمواطن، عشت فقيرا ورحلت فقيرا عفيفا غني الفؤاد، طيب القلب، شافي جرحى المستضعفين، كيف لنا أن ننساك يا حطاطي يا صاحب القلب الكبير، يا من مهد لنا طريق النضال الذي كان بالأمس مليئا بالأشواك، ولقّننا دروس مقاومة الفساد والاستهتار بالوطن بكل صدق ووفاء وأمانة وشرف ونزاهة وكبرياء ونخوة وحب…
لازالت الذاكرة تحتفظ بمداخلاتك النارية بالمنابر السياسية والنقابية والوقفات الاحتجاجية، غير عابئ بما يترتب عن ذلك من نتائج، كانت بمثابة ضربات تحت الحزام للمسؤولين. وكانت اعتصاماتكم أمام مقرات الإدارات ليلا ونهارا، شتاء وصيفا، كافية للوقوف في وجه لوبيات الفساد، بهدف نصرة الموظفين المستضعفين والمظلومين من التعسف.
فلنقف إجلالا واحتراما للعصامي حطاطي الفارس المغوار الذي ترجل عن فرسه وقرر أن يستريح، بسبب المرض الذي لم ينفع معه علاج، عانى بسببه في صمت رهيب لم يشاركه فيه أحد، لأنه تعوّد أن يعطي ولا يأخذ… هي خصاله التي ألفناها فيه… كفتيل الشمعة الذي يحترق في سبيل الإضاءة على الآخرين.
وبعد مضي 11 سنة على رحيلك إلى درا البقاء، نقول لك يا أعز صديق أنك لم تمت، بل انتقلت إلى جوار من هو أرحم بنا، انتقلت إلى الرفيق الأعلى، بعد أن أنهيت المهام وتمكنت من بناء ذلك الصرح العالي، نقابة المستضعفين ك د ش، والتي كلما توجهنا إليها إلى ووجدنا بصماتك، من خلال مواقفك الشجاعة والعالقة في الأذهان. لهذا وبقلوب راضية مؤمنة بقضاء الله والقدر خيره وشره نقول لك من هذه الدنيا الفانية: لن ننساك وأننا مازلنا على العهد، على الطريق نمشي… سائلين من العلي القدير أن يتغمدك بفضله ورحمته ، وأنتم السابقون ونحن اللاحقون { وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلا مَتَاعُ الْغُرُور} آل عمران185 الآية صدق الله العظيم.