بمجرد إعلان الحكومة برئاسة عبد العزيز أخنوش عن تخصيص الدعم المالي لفائدة مهنيي قطاع النقل الطرقي قدره مابين 1000 و 7000 درهم حسب صنف المركبة ، حتى تعالت اصوات نشطاء مواقع التواصل الإجتماعي تُعَبِّر عن استغراب فئة عريضة من المغاربة ، من هذه الخطوة ، والتي اعتبروها خُطوة غير مدروسة وتَنِمُّ عن عشوائية في اتخاذ القرارات من طرف حكومة اخنوش. وذلك لعدة اعتبارات نذكر منها :
أولاً، فالقرار اعتبره النشطاء قرارا غير عادل ويُفرق بين عموم المغاربة ، باعتبار ان فئة عريضة من المواطنين اصحاب المركبات تم استثناؤهم من هذا الدعم ، رغم ان وسائل النقل تُعد قلب عملهم النابض . ويتعلق الأمر باصحاب الدراجات النارية والعديد من أصحاب السيارات التجارية ، والتريبورتور ، وغيرها من وسائل النقل التي وجدت نفسها خارج لائحة الحكومة.
ثانيا ، ماهي الضمانات التي حصلت عليها الحكومة من المهنيين من أجل تخفيضهم للأسعار بمجرد الحصول على هذا الدعم ، أم انهم سوف يستفيدون منه دون أن يتراجعوا عن الأثمنة الملتهبة.
ثالثا، هل فعلا الحكومة ستفي بهذا القرار ، ولن تعيد ما وقعت فيه حكومة بن كيران التي انتهجت نفس القرار في سنة 2013 حين رفعت يدها عن دعم الوقود ، وإخراجه من صندوق المقاصة ، فحاول بن كيران هو الاخر ، امتصاص غضب مهنيي سيارات الأجرة الصغيرة والكبيرة بالاعلان عن تقديم دعم لهم ، عبر ملئهم لاستمارة تم توزيعها انذاك من طرف السلطات . وخلق القرار صراع كبير بين السائقين وأصحاب الماذونيات حول من له الأحقية في الاستفادة من هذا الدعم دون ان يستفيذ اي احد منهما بعد مرور الأيام والسنين، وهو المشهد الذي يتكرر في نسخة “أخنوش” التي تعتبر نسخة طبق الأصل لرئيس الحكومة السابق “بن كيران”. حيث يجري الان جدل كبير بين المهنيين حول من يستحق هذا الدعم هل السائق أم “الباطرون” ، وهو السؤال الذي ينتظر المهنيون الاجابة عنه من طرف الحكومة.
رابعا، هل هذا القرار سوف يقدم حلولا للارتفاعات الصاروخية في الأسعار ؟. طبعا لا ، يقول احد الخبراء الاقتصاديين ان من الصعب ان يتراجع اصحاب المحلات التجارية والشركات الصناعية ، واصحاب الخضر والفواكه ، عن الزيادات ، مادام انهم خارج حسابات الحكومة ، ومادام ان محطات الوقود الركيزة الأساسية المتسببة في هذه الزيادات المبالغ فيها بالنظر إلى سعر برميل النفط في العالم ، تبقى هي (محطات الوقود) الحلقة المفقودة والمُغيبة في قرارات الحكومة .حيث وجب على اخنوش ان يراجع هامش الربح لهذه المحطات ، ولو للنصف ، لانه ، وكما يرى محلل اقتصادي اخر، فمن الممكن ان تضحي المحطات ب30 في المائة من هامش الربح ، لضمان استقرار اسعار الوقود ، ومن جانبها الحكومة تغطي جزءا من زيادات الاسعار في الوقود بدل تسليم الدعم بهذا الشكل غير المدروس ، وبالتالي تعميم الاستفادة على جميع المغاربة من تخفيض الكازوال والبنزين ، و الحفاظ ولو نسبيا على استقرار الاثمنة بالاسواق بجميع المواد والسلع المرتبطة بالمعيشة اليومية للمغاربة. أما ان تقدم الدعم (وإن طُبق فعلا القرار) فان ذلك يبقى حل مشكل بمشكل أكبر وأعمق سوف تكون نتائجه وخيمة على الحكومة نفسها قبل المغاربة.